هل يستجيب الله دعائي أنا ؟!!
الدعاء هو العبادة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه تتحقق العبودية التي من أجلها خُلقنا
فالعلاقة مع الله علاقة بين عبد ضعيف ذليل لا يملك من أمره شيء ، ورب عظيم كريم بيده مفاتيح كل شيء.
فإن طلب العبد الهداية فلا يملك القلوب إلا الله
وإن طلب الدنيا ورغد العيش والوظيفة والزوجة والذرية فلا يقدر الأقدار إلا الله
وإن طلب جنة عرضها كعرض السموات والأرض مع الأنبياء والشهداء والصديقين فلا يدخله إياها إلا الله
وإن طلب النجاة من النار وحميمها وعذابها فلا يمنعه منها إلا الله
إذن فالعبد محتاج للرب في كل وقت وعلى كل حال.
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة صاحب الخُلق العظيم ، فكان يسأل ربه كل شيء ويتوكل عليه في كل أمر ، ولو تأملنا في السنة لوجدنا أحاديث كثيرة تشمل أدعية في كل الأحوال ، مثل دعاء السفر والنكاح وإذا لقيت العدو ومن لبس ثوب جديد ومن خاف ظلم ذو سلطان ومن استصعب على شيئاً والذهاب للمسجد وعند النوم وعيادة المريض وتلقين المحتضر وعند الرعد ونزول المطر ومباركة المتزوج والمولود وعند الطعام وحتى الخلاء عند دخوله والخروج منه وأبواب أخرى كثيرة لا يتسع المجال لسردها.
وكان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يتبعونه في ذلك فكانوا يسألون الله حتى ملح الطعام.
مما يثبط البعض منا عن الدعاء الذنوب التي إقترفناها وحالة عدم الرضا عن النفس بسبب تقصيرها في علاقتها بربها وذلك يكون مدخل للشيطان بأن يقنع الواحد منا بأنه لا داعي للدعاء فإن الله لن يقبل منك لأنك فعلت كذا وكذا وبأي وجه تقبل على الله بعد ذلك.
فنكف عن الدعاء بالكلية أو لا ندعي إلا مما ندر بدون استحضار قلب أو يقين بالإجابة.
فإن سألت أخي القارئ باستنكار وتعجب .. هل يستجيب الله دعائي أنا ؟
أقول ولما لا ؟!!
لما قال الله سبحانه وتعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر : 60]) لم يختص سبحانه بالإجابة أحداً دون أحد ، وإنما ربط الإجابة بالدعاء ، لذا فمن عدله سبحانه وتعالى أنه يستجيب دعاء المظلوم وإن كان كافراً.
* جاء في الأثر أن رجلٌ من بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام .. كان يقول يا صنم اطعمني يا صنم اسقني يا صنم اشفني وبينما هو ينادي على الصنم أخطأ لسانه فقال يا صمد أطعمني ،فقال الله : لبيك عبدي ، فقال موسى : يا رب ينادي على الصنم فأخطأ وقال :يا صمد
فقال تعالي:وهل هناك صمدُ غيري؟ !
فإن كان الله قد يستجيب لكافر دعاه بالخطأ فلما لا يستجيب لموحد مؤمن قاصداً إياه !!
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :خرج سليمان عليه السلام يستقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك فقال: ارجعوا؛ فقد سقيتم بدعوة غيركم) رواه أحمد، وصححه الحاكم)
فإن كان الله يستجيب لدعاء نملة وينزل الغيث على بلد بكاملها بدعائها فينتفع الناس والدواب والأرض فلما لا يستجيب لدعائك وأنت عبد عاقل مكلف.
* عندما قرأ قتادة الآية ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه :43-44])
قال: سبحانك ربي ما أحلمك ما أعظمك ، إذا كان هذا حلمك بفرعون الذي قال :ما علمت لكم من إله غيري، فكيف حلمك بعبد قال : لا إله إلا الله ، وإذا كان هذا حلمك بفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف حلمك بعبد قال :سبحان ربي الأعلى.؟
وقيل أن فرعون لما أدركه الغرق أخذ ينادي موسى عليه السلام فلم يجبه ، فأوحى سبحانه و تعالى إلى سيدنا موسى : أن يا موسى ، ناداك فرعون سبعين مرة فلم تجبه ، و عزتي وجلالي : لو ناداني مرة واحدة لأجبته
.
فإن كان الله قد يستجيب لفرعون الذي كفر وظلم وقتل ودعا الناس لعبادته ليس هذا فحسب بل أدعى أنه الرب الأعلى فما المانع أن يستجيب لك وأن تُقر بعبوديته.
أخي القارئ أعلم علم اليقين أنه ليس بينك وبين الله أحد ولا تحتاج لوسيط ، فقط كل ما عليك فعله هو أن ترفع يدك إلى السماء بقلب خاشع ونفس خاضعة ويقين صادق وتقول … يا رب.
هذا والله أعلى وأعلم.
Aucun commentaire :
Enregistrer un commentaire